•••✹✺✹•••
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
وهي في نقاط تسهيلا للقارئ وتمكينا
له من تحصيل الفائدة من المادة المطروحة على أكمل وجه مستحضرا قول الله تعالى (يا
أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولو على أنفسكم ) ثم مستحضرا قول ابن قتيبة الدينوري رحمه الله
(عقول الرجال عند أطراف أقلامها ) فأقول :
وقد قيل إن الرجل ما يزال في فسحة من
الفكر حتى يكتب فإذا كتب ضاق الفضاء !.
بل أزيدك أيها القارئ فائدة وذلك أني
تأملت عدد سنين في مسألة الكتب التي وسمت عند السلف إصطلاحا باسم "الرد على
كذا " فوجدت أن ذلك جله واقع على اسم لأهل البدع أو وصف لهم على الحقيقة لا
تأويل فيه والأمثلة على ذلك كثيرة وأضرب على ذلك بأمثلة تثري القارئ وتهيج الباحث
فمن ذلك :
الإمام أحمد رحمه الله رغم ما له من
المقالات الوافرة في أحوال الناس وتصحيح أخطائهم عموما وهكذا ما دون عنه طلبته أو
ما قيل أنه دونها بنفسه "على خلاف والأول أقرب " إلا أنك تجد أن الكتاب
الموسوم بالرد إنما هو كتابه ( الرد على الزنادقة أو الرد على الجهمية "
اسمان لكتاب واحد") وكتاب آخر سماه البعض (الرد على الملاحدة وقيل فيه غير
ذلك) أما غير ذلك من الإيضاحات والتنبيهات له فإن جلها بمسمى "الرسائل"
علما أنه يوجد في ثنايا بعضها الرد الراقي والعتاب السامي فمن ذلك (رسالة الى
المتوكل في خلق القرآن) ومنها (رسالة إلى مسدد بن مسرهد ) و ( رسالة عبدوس) وغير ذلك ..
وعلى منواله ابن أبي حاتم في الرد
على الجهمية والدارمي عثمان في الرد على
الجهمية كذلك و كتابه الضخم ( الردعلى بشر المريسي ) وكذلك ابن منده (الرد على
الجهمية ) وغيرهم كثير وهم ملحوقون بالإمام إبن تيمية رحمه الله في كتابه (الرد
على الإخنائي) و(الرد على الحلي ) وغير ذلك وقد ذكرت نصا له فيه فحوى إثبات ما
أقول في "حوار هادئ"وسيأتي.
فإن قال قائل : فكيف بكتاب الرد على
أبي حنيفة للإمام أبي بكر إبن أبي شيبة المضمون ضمن مصنفه قلنا إنما قصدنا النهج
الأعم الأغلب وليس الحصر والاستغراق وهذ الجواب إنما هو على قول الجمهور الأغلب
بالنسبة لحال أبي حنيفة رحمه الله أوهوي انه من أهل السنة وهو ترجيح الألباني وابن
باز وابن عثيمين وغيرهم وأما على مذهب من أسبغ عليه وصف البدعة وهو ترجيح الوادعي
فالأمر واضح رحم الله الجميع .
تنبيه : انظر للإستزادة في حال أبي
حنيفة من الشقين ما كتبه الألباني في مقدمة تحقيقه على شرح الطحاوية وماكتبه
الوادعي في كتابه نشر الصحيفة والله أعلم.
( إنما المؤمنون إخوة ) فلا شك أن قضية
الأخوة ودلالاتها القطعية أعظم من آحاد المسائل الخلافية وإن خطئنا المخطئ فيها اذ
لا ينبغي بمفرداتها أن تفسد للأخوة قضية ولذا فقد استفاض عند أهل العلم والنقل قصة
الشافعي مع الإمام الحافظ المقرئ يونس بن عبد الأعلى الصدفي وقد ذكرها الذهبي في
السير عنه وغيره ومازال أهل العلم يتذاكرونها كابرا عن كابر لما فيها من العبرة
وفيها يقول يونس الصدفي: ما رأيتُ أعقلَ من الشافعيِّ، ناظرتُه يومًا في مسألةٍ،
ثم افترقنا، ولقيني فأخذ بيدي، ثم قال: يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخوانًا
وإن لم نتفق في مسألة ! ) وعلق الذهبي على ذلك بقوله: هذا يدلُّ على كمال عقل هذا
الإمام، وفقهِ نفسه؛ فما زال النُّظراء يختلفون ا.ه وقد ذكرت نصا مهما في هذا عن ابن تيمية في
"حوار هادئ " وسيأتي
ولذلك أقول: إن الذي يظن أن الأخوة
السلفية شرطها الموافقة من جميع النواحي والجهات فروعا وأصولا علميا وعمليا بحيث أن وصف الأخوة الإيمانية يرتفع أو يلغى لأدنى مجرد اختلاف هو في ذاته لا يرجع إلى أصل كلي وليس هو من الإغراق في جزئيات متعددة قد ترجع بذلك إلى فساد أصل كلي لهو مخالف للنقل والعقل ومنهاج السلف ، أما النقل فمنه قوله تعالى
(وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ) وأما العقل فقد قيل ( ومن ذا الذي ترضى سجاياه
كلها..كفى... ؟! ) وأما منهاج السلف فإنه يأباه صراحا قراحا الصحابة رضي الله عنهم
ويأباه مالك والليث ويأباه الشعبي والأسود ويأباه الأعمش وأصحابه ويأباه الحسن
وابن سيرين ويأباه رؤوس أهل السنة من المدرسة الكوفية العراقية ورأسهم وكيع خليفة
الثوري مع رؤوس أهل السنة من المدرسة الحجازية كمالك وابن عيينة والخلاف بينهم
مشهور بل إن شفاعة ابن عيينة في وكيع وإنقاذه من الصلب والموت رغم الخلاف التأصيلي
الذي بينهم مشهور جدا ويأباه كذلك أحمد وإسحق وأحمد وابن معين وأحمد وابن المديني
ويأباه البخاري وأبوحاتم والبخاري والذهلي بل و يأباه البخاري ومسلم كذلك! وقصص هؤلاء جميعا وغيرهم في الإختلاف مع تعظيم
الأخوة أشهر من أن تذكر!
نصيحة : أنصح بقوة أن يقرأ طالب
العلم هذه الأحداث وغيرها ليتأمل مسالك السلف في باب الوفاق والخلاف وليعلم الرجل
حدود نفسه في الخلاف مع إخوانه وأخص بالذكر مراسلات مالك والليث في مسألة عمل أهل
المدينة رحم الله الجميع.
أقول هذا مذكرا لنفسي وإخواني بهذا
المفهوم النبيل وذلك
لعل إله العرش يا إخوتي يقي ...
جماعتنا كل المكاره هولا
ويجعلنا ممن يكون كتابه ... شفيعا لهم إذ ما
نسوه فيمحلا
وبالله حولى واعتصامي وقوتى ...
ومالي إلا ستره متجللا
فيا رب أنت الله حسبي وعدتي ... عليك
اعتمادي ضارعا متوكلا
آمين
تحرير موضع النزاع :
إن مما ينبغي فعله ابتداء هو أن يحرر
موضع الخلاف ليناط به الكلام فلا يتشعب
النقل كما ما هو ظاهر في بعض الأبحاث والردود ولكي لا يكثر الأخذ والرد لاسيما إذا
كان المقام لا يحتاجه وكما قيل (خير الكلام ما قل ودل ).
وسأعرض هذا التحرير بصيغة مبسطة
ليسهل فهمه إن شاء الله تعالى .
أولا : (الدعوة إلى الله بالفيديو
والتصوير خطأ وحرام شرعا على الصحيح ) وذلك لعموم الأدلة القاضية بالتحريم إذا
"فليس موضع الخلاف" في جواز من عدم استخدام التصوير في الدعوة إلى الله
تعالى :
وذلك أن من يقرأ كلام الأخ وفقه الله
تعالى ليحسب أن هذا موطن أو من مواطن النزاع وهذا خطأ منه ومن غيره إن فهموا
ذلك .. وذلك أنني اعتقد منذ قرابة العشرين
عاما منعه وأصرح مرارا وتكرارا أن ضرره أكبر من نفعه .. وأذكر لإخواني دائما بين
الحين والآخر كلام أهل العلم في ذلك ومنه "كلام الشيخ الألباني المشهور في
الظهورعلى الفيديو أنه خطأ ومصادم لعموم الأدلة ومدعاة للشهرة المذمومة وأنه كمن
يحرق نفسه ليضيئ للناس ...الخ" .
فإن كان كذلك أليس من الظلم تصوير
الخلاف على أنه كذلك ؟!
أليس هذا تلاعب -غير مقصود إن شاء
الله- بذهن القارئ ؟!
أليس ينبغي أن نفهم المتكلم ونناقشه
على مراده هو لا على مراد السامع فمن يسمعني أصناف شتى منهم المحب ومنهم المبغض
ومنهم الحاسد ومنهم الحامد ؟!
ثالثا : ليس موضع النزاع في التهوين
من حكم التصوير من التشديد فيه وإنما النزاع في ما هو سبيل أهل العلم في التعامل
مع هذا الحكم -الدعوة بالفيديو- أي هل التخطئة وتبيينها في ذلك تكفي مع احترام
وتقدير ذات العالم السلفي أو لا بد من التصريح بالبدعة أوتبديعه وإلا صار تهاونا
؟!
إذا
باختصار موضع النزاع هو هل خروج السلفي المجتهد للدعوة عبر الفيديو يعتبر خطأ ويجب
تبيينه كما نقول أو بدعة ومنها تبديعه أو يكاد وما هي سبيل العلماء المختلفين في
ذلك؟!
يعني لو جلس أمامك الفوزان او
اللحيدان حفظهما الله تعالى فهل تستفيد منهما أم لا؟! علما أنهما منظران في تجويز
الدعوة في الفيديو بل داعيان اليها لمن كان مؤهلا - وهو خطأ عندنا - أي ما هو
التوصيف الصحيح لمثل هذه الحالة فهل يقال دعاة إلى بدعة أم اجتهدا فأخطئا ؟!
أخيرا أقول إذا هذه هي مواضع الخلاف فنأخذ أهم ما يتعلق بذلك ونطرح غيره لأنه حشو
في المقام لا غير الله الموفق.
حوار هادئ
أقول : فهل استخدام التصوير في
الدعوة لمجتهد سلفي ورع من المسائل الإجتهاديه التي يقال "عند اهل
السنة" لصاحبها فيها أخطأت أوالإجماعية القطعية الدلالة التي يقال "عند
أهل السنة " له فيها ابتدعت ؟
للجواب على هذا السؤال المفصلي في
البحث انتقيت اثنين "من كثير" من الأئمة المتأخرين أولهم ممن يرى الحرمة
مطلقا وهوالأصوب إن شاء الله والثاني ممن يرى التفصيل في أنواعه وفيه نظر ومع ذلك
فإن كلامهم جميعا في تقعيد المسألة وأساسها واحد.
أما الأول فهوالإمام الألباني رحمه الله حيث أن له مبحث نافع ماتع في تحريم الصورمطلقا من كتابه غاية المرام وهو من أوسعها في هذه المسألة وأجمعها فيما رأيت له ، ومع ذلك فإنه قال في مقدمة الكتاب بعد أن ذكر خطأ صاحب الأصل في تجويزه للصور وغيرها قال (الآراء والأفكار- منها التصوير- التي ذهب إليها المؤلف مما هو من مواطن النزاع فقد يقرها قوم وينكرها آخرون، كلٌ حسب ما عنده من علم بالكتاب والسنة، ومعرفة بصحيحها وسقيمها، وطرق الاستدلال بالأدلة الشرعية …. إلى أن قال... فتعقبته في غير مسألة تبين لي أنه أخطأ فيها فذكر مسائلا منها مسألة التصوير).
إيضاح : فكما ترى فإن الإمام
الألباني رحمه الله تعالى جمع بين إثبات النزاع وتبيينه والحكم عليه ولم يبدع أو
يفسق أو يتوعد أحدا أقول هذا رغم أن صاحب
أصل الكتاب الذي قرظ وخرج عليه الألباني كتابه غاية المرام مبتدع أصلا ولكن بدعته
ليست من باب التصوير فقط بل لمخالفته
أبواب وأصول قطعية عظيمة في الدين حتى أنه أجاز لنفسه الغناء والعياذ بلله وقد رد
عليه.
فائدة وتنبيه :
من
باب الأمانة العلمية واحترام عقل القارئ فليعلم أن الألباني رحمه الله كتبه
وصوتياته زاخرة بإطلاق التحرم في باب التصوير الحديث بعلة اشتراك اللفظ شرعا ولغة
كما صرح بها في غير موطن منها ما في النقل السابق إلا أنه في أواخر كتبه
و"قيل آخرها مطلقا" بل في حاشيته التي زادها عليه أخيرا وذلك في كتابه
أدب الزفاف فإنه ذكر معلقا على نفسه بكلام فيه تفصيل للحكم المطلق الذي لطالما مضى
عليه حتى في أصل كتاب أدب الزفاف والذي دافع فيه عن فتوى شيخه الشيخ محمد بن
إبراهيم آل الشيخ أستاذه وأستاذ ابن باز رحمه الله تعالى في إطلاق الحرمة !.
و تفصيله هو قوله رحمه الله : ((وقبل
أن أنهي هذه الكلمة ,لا يفوتني أن ألفت النظر إلى أننا وإن كنا نذهب إلى تحريم
التصوير بنوعيه جازمين بذلك,فإننا لا نرى مانعاً من تصوير ما فيه فائدة محققة ,
دون أن يقترن بها ضرر ما ,ولا تتيسر هذه الفائدة بطريق أصله مباح , مثل التصوير
الذي يحتاج إليه في الطب, وفي الجغرافيا,وفي الاستعانة على اصطياد المجرمين,
والتحذير منهم,ونحو ذلك,فإنه جائز, بل قد يكون واجباً في بعض الأحيان, والدليل على
ذلك حديثان - ثم ذكر الشيخ رحمه الله حديث عائشة أنها كانت تلعب بفرس له جناحان من
رقاع , وحديث الربيع بنت المعوذ في جعلهم للصغار اللعبة من العهن ثم قال - فقد دل
هذان الحديثان على جواز التصوير واقتنائه، إذا ترتبت من وراء ذلك مصلحة تربوية
تعين على تهذيب النفوس وتثقيفها وتعليمها , فيلحق بذلك كل ما فيه مصلحة للإسلام والمسلمين من التصوير والصور,ويبقى ما
سوى ذلك على الأصل ـوهو التحريم ـ مثل صور المشايخ والعظماء والأصدقاء ونحوها ,
مما لا فائدة فيه , بل فيه التشبه بالكفار وعبدة الأصنام .والله أعلم)أ.هـ
انظر الرابط أدناه
(https://books.google.co.id/books?id=Jc64DwAAQBAJ&pg=PA30&lpg=PA30&dq=وقبل+أن+أنهي+هذه+الكلمة+,لا+يفوتني+أن+ألفت+النظر+إلى+أننا+وإن+كنا+نذهب+إلى+تحريم+التصوير+بنوعيه+ج
فائدة من أشكل الأحاديث في باب
التصوير حديثين الأول هو ما ذكره الألباني رحمه الله مستدلا به على تفصيله السابق
وهوحديث عائشة رضي الله عنها في ذكر اللعبة من الفرس من رقاع له جناحان
وهو في صحيح أبي داود له
والثاني وهوأشكل منه وهو حديث أبي
طلحة في قوله عليه الصلاة والسلام (إلا
رقما في ثوب ) في الصحيحين. ولأهل العلم
في تفسير ذلك والحكم عليه مذاهب شتى وخلاف مشهور يجمعها ثلاثة مذاهب الأول قول من
رآها سبب لإطلاق الجواز في كثير من الصور
والثاني قول من رآى إطلاق التحريم ورآها من المشتبه أو المنسوخ و الثالث
قول من فصل وتفصيلهم على أنواع .
وليس هذا مقام ذكر الخلاف في المسألة
لأنها ليست مقصودة بذاتها في هذا البحث فمن أراد أن يستزيد فيها فاليرجع إلى كتب
الخلاف ولكن المقصد هو بيان الخلاف الحاصل في كثير من مسائل التصوير عند الأولين
فكيف تصير قطعية عند المتأخرين ؟!!
ولذا
فانظر إلى هذا الأثر الجميل الذي ساقه ابن عبدالبر رحمه الله بعد ذكره للخلاف في
حديث أبي طلحة السالف الذكر حيث قال : ( عن ابن سيرين أنه كان لا يرى بأسا فيما
وطئ من التصاوير - ثم ذكرآثارا ثم قال -
ومما يدل على على أن الإختلاف في هذا الباب قديم ما ذكره ابن أبي شيبة عن
ابن علية عن ابن عون قال : كان في مجلس محمد بن سيرين وسائد فيها تماثيل عصافير
فكان أناس يقولون في ذلك ! فقال محمد إن هؤلاء قد أكثروا علينا فلو حولتموها) قال
ابن عبد البر وهذا من ورع ابن سيرين رحمه الله .
فائدة مهمة ونبذة عن كتاب الوادعي
رحمه الله :
الإمام الوادعي له كتاب جميل اسمه حكم تصوير
ذوات الأرواح ذهب فيه رحمه الله إلى الحرمة مطلقا من دون أي تفصيل إلا ما اضطررتم
إليه ومن يقرأ الكتاب من أوله إلى آخره يرى جليا أنه لم يحكم قط ببدعية أحد من باب
التصوير وحده ؟!
بل
صدر الكتاب بالنصح اللطيف والدعاء لمن أخطأ من العلماء في تجويز ذلك حيث قال (
ولكننا وبحمد الله نحب علمائنا وندافع عنهم ولكننا لا نجيز تقليدهم ..) ولم يقل
نبدع من قلدهم ؟!!
بل
له باب فيه اسمه (الدليل على تحريم التصوير)
ولم يذكر في الباب بكله كلمة بدعة واحدة
؟!
بل وله باب أصرح من ذلك اسمه (العلة
في تحريم صور ذوات الأرواح ) وذكر فيه ثلاث علل وليس منها قط البدعة ؟! فقال :
الأولى لأنها عبدت من دون الله.
الثاني أنها مضاهة لخلق الله .
الثالث الفتنة بصور النساء ونحو ذلك
.
بل لم يذكر كلمة بدعة قط في الباب
فتأمل ؟!!
وهنا أسأل إذا كان هذا هو دأب
العلماء فمن هو شيخ وسلف من يوالي ويباري في قضية الدعوة بالفيديو ولا يسعه ما وسع
هؤلاء الكبار؟! فيبدع ويخرج الناس من
السنة بحجة أنه خرج يعلم الناس بالفيديو وما هو دليله وما هو تأصيله وما هو ميزان
شيخه وميزان كلامه بجانب من ذكرنا ومن لم نذكر من أساطين العلم وأوعية الإجماع
والخلاف؟!
صرح وما تهوى ودعنا من الكنا ولا تقل بعض ؟!
أقول
: فهذه اقوال العلماء وهذا فهمهم ألا يسعنا ما وسعهم؟!
فائدة تأصيلية مهمة :
إن التفرد والخروج عن سبيل العلماء
في التعامل مع القضايا العلمية والعملية خاصة المعاصرة منها بدعوى التجرد للدليل
وعدم التقليد هو في حقيقة الأمر ضيق في الأفق وقصور في العلم ودليل على عدم إدراك
مسالك العلم و العلماء ناهيك على أنه
تناقض فاضح مع مسمى السلفية التي تمج التفرد والشذوذ في القول والعمل والذي يكون
مؤداه في الغالب إلى إحدى المهلكتين التنطع أو التميع أعاذنا الله وإخوننا من ذلك والله المستعان .
فائدة :
لا
أعرف عالما معتبرا من أهل السنة ذهب إلى جواز التصوير الفوتغرافي مطلقا
كالتذكاريات مثلا فمن أجاز منهم فإنه يفصل
من باب رجحان مصلحة الدعوة عنده مثلا - وفيه نظر- ولذا فإنك لا تجد للعلماء
المبيحين بالتفصيل صورا هي من باب الذكريات أو غير ذلك مما يفعله أصحاب
الهوى"إلا أن يكون سهوا " وأضرب مثالا لذلك بالإمام إبن عثيمين رحمه
الله.
إذا فتصبح مسألة هذا النوع من
التصوير بين علمائنا هي بين من منعها
مطلقا وهو الصواب وبين من فصل بين أنواعه لمصلحة رآها راجحة وفيه نظر والله أعلم.
تقدمة ثانية - ضمن حوار هادئ- (في بيان أن الخلاف في مسألة الصور قديم وأن
دعوى الخلاف بين علماء أهل السنة ليست
دليلا على الجواز إذ لا بد من الترجيح فالحق واحد ولكنها سبيل لمعرفة كيفية التعامل
معها إذ أن المختلفين هم علماء أهل السنة فنسلك سبيلهم و يسعنا ما وسعهم ).
أقول : لا بد للقارئ -أيده الله
بسداد الفهم وحسن العمل- أن يعلم أن الأدلة الشرعية في تحريم الصور والتصوير هي
على أنواع فمنها ما فيه ذكر ماهية التصوير
دون الوعيد ومنها ما ذكر فيه الوعيد دون الماهية وتارة معا ومنها ما فيه بيان حكم
الاقتناء ومنها ما في ظاهره استثناء صورة دون أخرى وكل ذلك صحيح وجله في الصحيحن
أو أحدهما ولولا خوف الإطالة والإستطراد لذكرنا الأنواع بدليلها والشاهد من ذلك
أنه بسبب ذلك التنوع في الأدلة كان لأهل العلم أخذ ورد من قديم ومازال العلماء
يذكرون الخلاف ويرجحون بين الأقوال فيها كأي مسألة إجتهادية فيها مخطئ ومصيب وقد
استوعب الإمام الوادعي في كتابه المذكور آنفا شيئا من هذه الأقوال ونقل عن النووي
وابن حجر وابن عبدالبر ما ذكروه من الخلاف ورجح بين الأقوال ولولا خوف الإطالة لذكرته
بنصه فإنه مفيد وأنبه هنا أن الشيخ رحمه الله كذلك لم يتعرض في كلامه على الخلاف
للتبديع والخروج من السلفية ومصادمة ذلك لأصول أهل السنة !!. فأين تذهبون!!
(أنظر غير مأمورص٢٨ وما بعدها).
وهكذا من تقدم من هؤلاء العلماء المتقدمين
المذكورين في مقام الخلاف لم نعلم أحدا
منهم ذكر الخلاف في التصوير و عرج في ذكره أنه مخرج من طائفة أهل السنة بذاته ومن
يعلم غير ذلك فليفدنا مشكورا ..
وإذا كان الأمر كذلك علمنا أنه
ليس هناك سلف من قريب أو بعيد لمن تكلف في
إخراج أخيه السلفي من السلفية بدعوى
الظهور في فيديو فقط - وهنا أقوا إن هذا الأخ المتصور مخطئ على الصحيح إذ لا حاجة
له في ذلك ودعواه أنها للمنفعة القصوى منقوضة بحصولها من غير تصوير - لا من قريب
ولا من بعيد !
والله الموفق.
أقول إن العبرة ليست بإكثار النقل
والكلام بل بإحسانه إذ أن الكلام داخل إبتداءا في الأعمال والكسب التي سيحاسب
عليها العبيد وقد قال الله تعالى (ليبلوكم أيكم أحسن عملا , ولم يقل أكثر؟!) ولذلك
نقول أن وضع الكلام الحسن في غير موضعه خطأ لأنه صار معدوم النفع والخيرية مثل ذات الكلام الخطأ وإن افترقا في الحكم
والعذر ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (من كان يؤمن بلله واليوم الآخر
فليقل خيرا أو ليصمت ) فلم يعلق الإيمان بمجرد الكلام الحسن بل علقه بالخيرية وهي
النفع الناتج من الكلام الحسن.
المثال الأول على سوء
النقل وفي آخره تنبيه مهم :
وذلك في قضية الأصول والفروع تجد أنه ذكر خمسة أقوال وقد صدرها بكلام ابن
تيمية رحمه الله وفحوى هذا النقل أنه أراد أن يبين للقارئ أن تقسيم الأحكام
الشرعية عموما إلى أصول و فروع ليس دأب أهل السنة وانتقى من كلامهم ما يقرر هذا
الكلام ليتوصل بذلك إلى أن الدعوة بالفيديو -وهو خطأ عندنا - ترجع إلى
الأصول ؟! وأن فاعلها مبتدع أو كاد ولذا فإنه ختم هذا بقوله "بل يقول بعض
العلماء "ولم يبين من بعض ؟!" أن مسألة التصوير من الأصول ويمكن الخروج
من جماعة السنة بذلك ؟!
وتعقيبي على ذلك هو أن الأخ وفقه الله مع إكثاره من النقل الذي في غير
محله إلا أنه لم يستوعب نقل كلامهم في ذلك أيضا أي " زيادة بلا إجادة "
.
وبيان ذلك أنه انتقى ما يريد وترك أو لم يعلم بكلامهم المتبقي في نفس القضية
وهو يكثر من هذا وحسن ظني فيه أن ذلك راجع لقصور فهمه للقضايا المذكورة ومنها
الأصول والفروع ولذا فانظر إلى كلام ابن تيمية رحمه الله في نفس القضية من -
فصل مجمل مقالات الطوائف - من المجموع حيث قال مبينا معدلا لمن أنكر مطلقا
هذا التقسيم أو جزم مطلقا بهذا التقسيم
راجعه غير مأمورحيث قال ( ... بل الحق أن الجليل من كل واحد من الصنفين
-العلمية والعملية- " مسائل أصول " والدقيق " مسائل فروع )
وقال فس موضع آخر ( ولهذا كان أئمة الإسلام متفقين على تبديع من خالف في مثل هذه
الأصول؛ بخلاف من نازع في مسائل الاجتهاد التي لم تبلغ هذا المبلغ) اهـ (مجموع
الفتاوى 4/425)
إذا فليعلم الجميع أن تقسيم الشريعة إلى أصول وفروع هو على نوعين
..
الأول
تقسيم مردود وهو تقسيم أهل البدع لأنهم أرادوا به شرا وهو رد العقائد والأصول
والأدلة التي تعارض أهوائهم بدعوى
الفرعية.
الثاني تقسيم مقبول صحيح حق كما قال
ابن تيمية وهو تقسيم أهل السنة لأنهم أردوا به خيرا وهو معرفة أن أحكام
الشرائع فيها مهم وأهم كما هو مستفاد من حديث الولي وهو حديث أبي هريرة في
الصحيح وفيها أركان وبناء كما هو مستفاد من حديث أركان الإسلام وهو حديث ابن عمر
في الصحيحين وفيها ما يعذر فيه جاهله أو فاعله أو تاركه أو مخالفه مع تخطئته وبيان
خطئه بالتي هي أحسن كمجتهد رأى قول الجمهور في أن الجماعة في المسجد فرض على
الكفاية واستحبها على الأعيان وهو رأي مرجوح خطأ ومالا يعذر جاهله أو فاعله أو
تاركه أو مخالفه كذلك وإن تلبس بالعذر كشاتم الله تعالى والرسول صلى الله عليه
وسلم وإن قال كنت غضبان ! وكل ذلك مرجعه للأدلة الشرعية لا إلى ذات التقسيم
.
تنبيه أول: ذكر الأخ وفقه الله في أول الكلام أن هذا التقسيم بدعة إذا أفضي
إلى التهاون بما سموه فرعا! وهو كلام جيد ولازم ذلك أنه ليس ببدعة إذا لم يفضي إلى
ذلك وهذا هو قصدنا إذا فكلامه ينقض بعضه بل ينقض صراحة تبويبه ! ومن الذي أدخل
المتهاون صاحب الهوى في القضية؟!
ثم نقول لو أن رجلا إعتقد التهاون في بعض الأحكام وهو
لا يعرف هذا التقسيم أصلا ولا يقول به أليست بدعة ؟! الجواب نعم بالتأكيد.
ثم لو أن رجلا أخذ بتقسيم الأصول والفروع ولم يأخذ بهواه وإنما على منوال
أهل السنة كابن تيمية رحمه الله ومن يقرأ لبن تيمية يراه كثيرا جدا في كلامه (خاصة
في قسم العقيدة من المجموع كأبواب القدر ونحوها بل تكرارها في كلامه وردوده
واستنباطه كثير جدا) أليس مصيبا ؟ جواب الفاهم
نعم .. إذا فما فائدة هذه النقولات التي أتيت بها وهي إنما هي في أهل
الهوى والبدع وليست في أهل التقى والورع ؟!
التنبيه الثاني :
كذلك
وقع الاخ الكريم في نفس الخطأ الحاصل في كلام ابن تيمية في نقله كلام الإمام
الألباني رحمه الله إذ أنه نقل كلامه في المنع ولم يستوعب فأين الأمانة العلمية في
النقل؟! ولذا يقول الالباني رحمه الله بعد
ان ذكر هذا التقسيم :( وهذا الإصطلاح وإن كان الأمر كما يقول العلماء " لكل
قوم أن يصطلحوا على ما شاؤوا " فلا بأس من مثل هذا الإصطلاح بشرط واحد ألا
وهو أن لا يؤدي التفريق بين الأصول والفروع إلى الإهتمام بالقسم الأول دون
الثاني )
انظر فتواه هنا https://www.al-albany.com/audios/content/346/الكلام-على-تقسيم-الدين-إلى-أصول-وفروع-وما-يترتب-على-ذلك
.. إذا فالمنع في كلامهم إنما هو في التقسيم
المردود والقبول لمعنى التقسيم المقبول.. هذا هو التفصيل الصحيح الذي يمضي عليه
أهل العلم في كتبهم خاصة ابن تيمية فإنه يكثر من ذلك وغيره كثير .
والعجيب أنه ذكر كلام الشاطبي " وهو نقل في غير محله كذلك" وذلك
في وصف المبتدع الذي خالف اصلا أو فروعا مستدلا به على قضية التبديع ؟!
ولكن أليس هذا إثبات منك على قضية الأصول والفروع إذ أنها المحور الذي يدور
عليه كلام الشاطبي ؟! ألم تقرأ كلامه بعد ؟! بل له رحمه الله قاعدة الكليات
والجزئيات وهي أصرح في الدلالة والتقسيم من قضية الأصول والفرعيات التي ذكرها هو
كذلك ؟! ألم تقرأ قوله في الإعتصام ( وذلك
أن هذه الفرق إنما تصير فرقا ، بخلافها للفرقة الناجية في معنى كلي في الدين ،
وقاعدة من قواعد الشريعة، لا في جزئي من الجزئيات، إذ الجزئي والفرع الشاذ لا ينشأ
عنه مخالفة يقع بسببها التفرق شيعا، وإنما ينشأ التفرق عند وقوع المخالفة في
الأمور الكلية، لأن الكليات تقتضي عددا من الجزئيات غير قليل، وشاذها في الغالب أن
لا يختص بمحل دون محل ، ولا بباب دون باب" انتهى من "الاعتصام" (2/
712). عجيب أمرك !
التنبيه الثالث : لا بد أن يعلم القارئ أن معيار التهاون عند البعض هو
إما أن تقول بقولهم وإلا فانت متهاون يعني مثل المثل اليمني الذي يقول "أنا
أو البحر" بيان ذلك هو أننا نكتفي هنا بالمنع من استخدام الفيديو في الدعوة
ونبين خطأ ذلك ونرى ضره أكبر من نفعه ولكن لا نبدع من نعلم أنه سلفي السير
والعقيدة .. وهذا عند البعض لا يكفي فإما أن تقول بأنه مبتدع خارج أهل السنة مستحق
للعذاب مع الفرق الهالكة وإلا فأنت متهاون وهذا ضيق فكري شديد وسير إلى
مالايطاق من متورع يخاف الله تعالى والله المستعان.
فائدة : ممن حرم الصور مطلقا وعذرالمجتهد في الفيديو كثير من أساطين وأئمة
السنة منهم ابن باز رحمه الله أنظر مثلاhttps://binbaz.org.sa/fatwas/1077/ التحرج-من-التصوير-في-وساىل-الاعلام) .
تنبيه مهم : ولكن للفائدة والأمانة
العلمية فإن ابن باز رحمه الله قبل موته بأعوام صرح بتراجعه عن إطلاق التحريم
للدعوة بالفيديو وذهب الى جوازها من باب المصلحة العامة وغير ذلك .
أقول وهو خطأ لأن الضرر أكبر من النفع كما علق على ذلك الألباني والوادعي في
كثير من ردودهما رحمة الله عليهم جميعا والكلام موجود على الشبكة بصوته ولولا أن
صورته عليه لنشرت الرابط ومنها يعلم أن تجويزه لإدخال كاميرات المراقبة إلى الحرم
إنما كان ناتجا عن تفصيله مؤخرا أضف إلى الضرورة المذكورة في كلامه فليست المسألة
هوى منه رحمه الله.
و ممن صرح بأن القضية ليست من العقائد
ابن عثيمين رحمه الله وإن كان مذهبه التفصيل https://m.youtube.com/watch?v=YWkrEzn1QOI
وغيرهم كثير ومنهم إبن حزام في فتوى يقول فيها بعد أن بين حرمتها وخطأ من ذهب إلى
جوازها بأنها مسألة لا ينبغي أن تفسد الاخوة
وعقيدة اهل السنة تجمعنا وقد ترجمناها.
وهنا أقول إن الإتيان بكلمة
"بعض" لإثبات أن من أهل العلم من عد المسألة المذكورة من الأصول فأخرج
أناس من السنة بمسألة التصوير وعدم التصريح بمن هو ذلك البعض لهو أسلوب غير علمي
وطرح لا يهتم بعقلية القارئ المتثبت فهاهم العلماء يخطئون ويصوبون بعضهم بعضا فيها
وفي أشباهها من المسائل من غير تبديع أو تجريح لماذا لا يسعنا ما وسعهم ؟!
مثال آخر على سوء النقل :
وهو
إيراده أثر (من تتبع رخص العلماء تزندق أوكاد ) وماةفيةمعناه عن الأوزاعي وغيره
وقدكنت كتبت نقاشا موسعا في بادئ الأمر
فيما يخص هذه الفقرة أي في معناها ومواردها عند أهل العلم لأبين بعده في إيراد مثل
هذا الأثر في مقام الرد أما إذا كان طرح له خاص به فاليورد ما يشاء وفرق بين
الأمرين وذكرت أنه لا وجه لهذا الكلام إلا استجلاب العاطفة -وإلم يقصد - إذ أن هذا
الأثر وأمثاله ليس هو في من نحن بصدده أي من أخطأ من السلفيين من أصحاب العلم
والورع نحسبه والله حسيبه وإنما هو في أصحاب الهوى ومرضى القلوب ومن يرى أن الرخصة
قد تتعدى من الجنس الشرعي إلى الجنس الإجتهادي وقد نقل ابن حزم رحمه الإجماع على
شذوذ هذا المسلك وممن صرح بمنع مسمى رخص الإجتهاد ابن القيم كذلك أي أن هذا الأثر لا يتعلق بموضع النزاع بتاتا
فأي خلط هذا ؟!
هلا حررت واستفصلت قبل أن تتكلم ناهيك عن أن تكتب ؟!
أقول ثم آثرت الاختصار خوفا من إطالة البحث ولكني أذكر فائدة أصولية مهمة
لبن تيمية رحمه الله في قضية الإجتهاد والهوى
وماهيتهما والفرق بينهما وحكم المتلبس بهما فلتتأمل :
قال في المجلد العشرين رحمه الله ( من التزم مذهباً معيناً ثم فعل خلافه من
غير تقليد لعالم آخر أفتاه ولا استدلال بدليل يقتضي خلاف ذلك، ومن غير عذر شرعي
يبيح له ما فعله، فإنه يكون متبعاً لهواه، وعاملاً بغير اجتهاد ولا تقليد، فاعلاً
للمحرم بغير عذر شرعي، فهذا منكر "وأما إذا تبين له ما يوجب رجحان قول على
قول، إما بالأدلة المفصلة إن كان يعرفها ويفهمها، وإما بأن يرى أحد رجلين أعلم
بتلك المسألة من الآخر وهو أتقى لله فيما يقوله فيرجع عن قول إلى قول لمثل هذا،
فهذا يجوز بل يجب وقد نص الإمام أحمد على ذلك" ).
أقول هذا الكلام من هذا العلم رحمه الله تأصيل وتحقيق فوصفه دقيق وكلامه
عميق وإنصافه بريق ونسبته لأحمد توثيق وقارنه مع أصل مسألتنا وبإذن المولى تجد
الطريق.
من جهة الأمانة العلمية :
وهنا أتكلم عن الإخلال بالأمانة العلمية للأخ الكاتب وفقه الله من جهتين
اثنين فقط أقول ذلك وأنا محسن الظن به وأعتذر له في قرارة نفسي بأن لعل له عذر لا
أعرفه .
الجهة الأولى هو أن الأخ وفقه الله إنما بنا رده أساسا على مقطع لي مجتزأ من
تسجيل طويل أبين فيه الطريق الصحيح في التعامل مع من وقع في مثل هذا من إخواننا
وأنه وإن أخطأ فهو أخ نناصحه ونبين له ولكن لا نهجره ولا نقطعه وغير ذلك ثم ذكرت
من باب الفائدة بعض العلماء الكبار من الرعيل الأول الذين اجتهدوا في قضية التصوير
وذهبوا إلى التفصيل بل وتصوروا كذلك كالإمام الشنقيطي والعلامة حماد الأنصاري و
تقي الهلالي بل والإمام المعلمي قبل ذلك وغيرهم لأبين الخلاف في المسألة من باب
الأمانة ... فاجتزئ التسجيل الخاص بذكر العلماء ونشر ولا حرج في ذلك إذ أنها فائدة
من الفوائد لاغير.
ولكنها صارت عند البعض دليل أو تعريض على الأخذ برأي هؤلاء بل وصارت دليل
على التهاون .. مع أنه لا يوجد شيء من ذلك في ثنايا الكلام وعجبي !!!
أليس
هذا من فهم الكلام على نية السامع وليس على نية المتكلم وقد علمتم بطلان ذلك ؟!
أليس هذا من سوء الظن المنهي عنه ؟! والله إني لأتعجب أن يبني قوم كلامهم على أمر
كهذا ناهيك عن أن يسطر "رد" ..وعجبي ؟!
أقول هذا مع أنني قد بينت المسألة وحذرت وبينت حكم التصوير مرارا وتكرار في
ذلك الموضع وغيره قبل وبعد وجله مسجل ؟! ولذا فإن أكثر الناس تعجبا مما كتبه
الأخ هم إخواني وطلابي الذين معي لأنهم
سمعوا مني التحذير من الدعوة عبر التصوير كثيرا كثيرا .
فإن قال ما علمنا أو ما رأينا أو هذا الذي وصل إالينا ...قلنا وهل هذا العذر
يجيز لك سوء الظن فيكف بالبناء عليه ؟! ألست بحي أرزق يسعه وغيره الإرسال أو
الإتصال أو التثبت أو الإستفصال؟!
أليس
هذا من أقل حقوق المسلم على المسلم؟!
فإن قال قد سمعنا أو أحسسنا بالتهاون قلنا ليس أنت أو غيرك من يحكم على ذاك
متهاون أو ذاك متشدد بل هي مسالك العلم والعلماء فما كان في عرف العلماء تهاونا
كان كذلك وماكان في عرفهم تشددا كان كذلك غهذا أسهل ميزان عملي لتمييز مثل هذه
القضايا فأثبت لنا من كلام العلماء
المعتبرين الربانيين السلفيين من يقول أن من حرم التصوير وبين خطأ فاعله مرارا
وتكرارا ولكن لم يبدع فاعله لذات التصوير لا غيره فهو متهاون ؟ ناهيك عن التحذير
منه؟ هاته لننظر كلامه ونزن حروفه ! فإلم تجد فأثبت لنا عالما سلفيا نتفق عليه
يقول بدليله أنه إذا خرج السني السلفي المجتهد في الفيديو معلما فقد فارق الجماعة
وخلع ربقة السنة من عنقه وصار من الفرق الهالكة ؟!
فإن قال ما أردنا ذلك وإنما أردنا أن العلماء هؤلاء معذورون ولكن غيرهم
أوآخرين فلا ! قلنا من أين لك التفريق
وعلة العذر واحدة وهي الدين والورع وعدم استبانة الحق لديهم مع بذل جهدهم
فيه وقد تقدم كلام ابن تيمية في ذلك ؟! فإن قال قصدنا أصحاب الهوى قلنا هذا قصدك
وليس قصدنا فكيف تحاججنا بقصدك ؟! فإن قال أردنا المقلدة قلنا هذا قصدك وليس قصدنا
كذلك فنحن نقصد صاحب الدين والورع والعلم جميعا ومع ذلك لا نسلم لك تبديع مقلدا
لعالم معتبر بقضية التصوير وحدها ولكنه لا شك أوغل في الخطأ لأنه مقلد فخطأه أعظم
إلا أن يتجاوز الله عنه وقد تقدم نص ابن تيمية في المقلد كذلك .
جهة الإخلال الثانية :
وهي أبعد وذلك استجلابه وذكره لقضية "تربية النساء" في خضم كلامه
رغم أنه ليس لي فيها ناقة ولا جمل وليس بينها وبين هذه القضية من ناحية الحكم أي
علاقة أو إتصال ؟!
وهنا أقول : أليس هذا تغريرا- وإن لم يقصد - بعواطف القارئ المبغض المخالف
لقضية تربية النساء ؟! فلربما يحكم ويأخذ بقوله قبل أن يفهم مناط الخلاف والصواب
من الخطأ فيما نحن بصدده؟! أم أن الغريق يتمسك ولو بقشة؟!
وأقول منصفا إنه لربما خالفه ورفضه قوم موافقون لقضية تربية النساء المذكورة
حتى قبل أن يكملوا بحثه ؟!
والعجب ممن وصف بأن القضية التي نحن بصددها وقضية تربية النساء متماثلتان ؟!
وهنا أقول لا بد من تحرير ضابط التماثل في المسائل العلمية وبالبديهة ضابطها هو أن
يتناولها العلماء بشكل متماثل من حيث
التأصيل والتقرير وهنا أقول :
هل معك في قضية تربية النساء لفظا ومعنى نصوصا من ابن سيرين
مثلا كما تقدم ؟! أو مبحثا كاملا في المحلى أو المجموع أو فتح الباري .. ؟! هل معك فيها نصوص بالكم والكيف التي
ذكرنا ممن ذكرنا عنهم أو عن مثلهم من الأئمة وهم المستقرئين في الأقوال والخلاف في
آحاد المسائل ناهيك عمن دونهم ؟! بهذا
يكون تماثل المسائل فإن قلت نعم فأثبت وإن
قلت لا ولابد ، فنسألك ما هو ضابط مثلية
المسائل العلمية عندك ومن سلفك في هذا الضابط وماهو الدليل للنناقشك ؟! هاته ! فإن
كان الحواب في كل ذلك سلبي غير محرر فهو دليل على ضعف تمييز مدعي التماثل في هذه
المسألة خصوصا والخلط بين العواطف والحقائق والكلام بخصوص هذه المسألة دون غيرها
"إنصافا" !.
وهنا أتسائل : إذا لم ينصف الكاتب من يقرأ رده بأن يضعه على الحقائق لا
العواطف ويتجرد فيما يكتب من العوارض التي تأخذ بالأفكار من غير تحرير فهل سينصف
المردود عليه؟!!!!
وأقول أليس هذا إذكاءا لقضية وفتنة نحن في غنى عنها ؟! أليس هذا ظلم لي
بإقحامي في قضية أنا في غنى عنها بل ولم أقصدها بشيء والله العالم ؟!
فائدة تأصيلية دعوية :
ومن هنا أقول إن المسائل الشرعية الحادثة خاصة الدعوية منها التي أخذت ترتقي
صعودا في مراتب الاختلاف حتى صارت كالفتن التي تموج في الناس كموج البحر فتأتي على
الخضراء واليابس لتصير جليا من" قضايا النوازل" وإن كانت في الأصل صغيرة
أوابتدأت كذلك وقضايا النوازل لابد لها من فصل العلماء الأفذاذ الذين جمعوا الورع
والعلم مع اعتبار الخبرة الناتجة من طول العمر في المجال الدعوي لفصل هذا النوع من
النوازل ، وهذه هي المرجعية العملية أما العلمية فهي مرجعية الكتاب والسنة
والإجماع ولولا مخافة الإطالة وتشتت القارئ لذكرت أدلة كثيرة ونقولات معتبرة على
هذا المفهوم المهم والذي من خلاله تجتمع الكلمة ويقل الشقاق بين صفوف السلفيين ولي
فيه مبحث أسميته ( وحدة المرجعية العملية ترفع نزاع كثير من القضايا الدعوية )
وليس هو من جنس الإمارة التنظيمية المبتدعة وإنما هو من جنس التعاون على البر
والتقوى ومن باب لعلمه الذين يستنبطونه منهم وأما الكتابة والرد في مسألة قد ترقى
وتطور تأثيرها إلى النازلة المدلهمة فلن يزيد الطين إلا بله ولن يصلح قط من الخلاف
المذكور شيء والدليل على ذلك واقع هذا الخلاف المذكور في مثل هذه القضايا ومنها
قضية تربية النساء . والله أعلم
ختاما
إني لأدعوا السلفيين في الدنيا عامة وفي إندونيسيا خاصة أن يتقوا الله في
إخوانهم و أن يترفقوا بإخوانهم أهل السنة والجماعة ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا
فالرفق هو الأصل في الدعوة إالى الله تعالى
وأما الشدة فهي عارض صحيح إذا جاء ما يقتضيها وإلا فلا وهذا لظواهر الأدلة
كقول الله تعالى ( فبما رحمة من الله تعالى لنت لهم ولوكنت فظا غليظا لانفضوا من
حولك ) ومن قال بأن الأصل في الدعوة هما معا من غير تقديم ولكنه ملتزم بالمفهوم
السلفي في توازي اللين والشدة في التعامل الدعوي و يدعوا بالحكمة التي هي وضع
الحكم المناسب في مناسبه , فله ذلك لأن الخلاف بين التعبيرين يصير لفظيا وليس
حقيقا ولكن الأول أفضل لظواهر الأدلة كما تقدم ولي فيه بحث .
وإني لأدعوهم جميعا كذلك إلى السعي في تمييز موارد الإجتهاد والتبديع والنصح
والتقذيع في كل القضايا الدعوية الحادثة وكل ذلك فيصله ويبينه سبيل أهل العلم
الربانيين الذين جمعوا العلم بالكتاب والسنة والعمل بهما رحم الله من مات وحفظ
الله من بقي مع" اعتبار قضية العمر الدعوي لأنه مؤثر جدا في اجتماع الكلمة
" فتعرف مسالكهم في التعامل مع ذلك
النوع مع القضايا فهم منارات يستضاء بها على ضوء الكتاب والسنة ولذا فإنه من الخطأ
البين أن تنزل قواعد التجريح التي لطالما استعملها العلماء في معاملة المبتدعة على
أهل السنة.