📌 (٢). تأصيلات تيمية وتقريرات علمية في تمييز سبل العلم والهدى والتجرد و السلفية
من طرق الجهل و الهوى والتقليد بالتبعية
قال رحمه الله :
"ولما كان العدل لا بد أن يتقدمه علم - إذ من لا يعلم لا يدري ما العدل؟ والإنسان ظالم جاهل إلا من تاب الله عليه فصار عالما عادلا - صار الناس من القضاة وغيرهم ثلاثة أصناف: العالم الجائر والجاهل الظالم؛ فهذان من أهل النار كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" {القضاة ثلاثة: قاضيان في النار وقاض في الجنة: رجل علم الحق وقضى به فهو في الجنة؛ ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار؛ ورجل علم الحق وقضى بخلافه فهو في النار} " فهذان القسمان كما قال: " {من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ ومن قال في القرآن برأيه فأخطأ فليتبوأ مقعده من النار} ". وكل من حكم بين اثنين فهو قاض سواء كان صاحب حرب أو متولي ديوان أو منتصبا للاحتساب بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى الذي يحكم بين الصبيان في الخطوط فإن الصحابة كانوا يعدونه من الحكام. ولما كان الحكام مأمورين بالعدل والعلم وكان المفروض إنما هو بما يبلغه جهد الرجل قال النبي صلى الله عليه وسلم " {إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر} ".
مجموع الفتاوى جـ٨١صـ١٦٩
📌 هذا التأصيل من هذا الإمام الفذ فيه بيان غلط من يتجشم الكلام في موارد الخلاف عموما وقضايا التصنيف خصوصا وهو لم يحرر أسباب النزاع و مواضع الغلط وسبب منشأه وميزانه الشرعي بالنظر إلى الأدلة وتحقيق معانيها من كلام العلماء ثم تطبيقها واقعا من خلال النظر في سير المحققين منهم في أضرابها وذلك بعد استكمال أدوات البحث العلمي القائم على التجرد البحت ، ليتحصل الباحث عن الحق و المنبري لنصرته من ذلك على قاعدة علمية رصينة تكون سببا لإصابة العدل في القضية المقصودة فيؤجر ، أو ربما تحيد الرمية فيعذر ، لأنه قد وطن نفسه على التأصيل وتأنى في النظر بقصد التأهيل وعمل بالأسباب على كل حال والتوفيق من الله تعالى وحده .
📌ناهيك عن غلط أقوام لا يملكون تلك الأدوات أصلا إذ لا يستطيعونها لعذر أو لآخر ومع ذلك يتقحمون الصعب بدعوى الخبرة والقدم في الدعوة !
📍بل قد تجد أن منهم من يقر على نفسه في مقام دون آخر بنوع عجز فيقول أنا لست مستفيدا وآخر يقول لست نشيطا في الطلب وثالثا يصرح بأنه عامي سلفي ولكنهم عند مجيئ طارئ الفلسلفة فهم خبراء الفتن و حذاق الجادة ومتفرسة التصنيف... عجبا !
⭕️ فكيف لهم أن يعدلوا في هذه القضية أو تلك وهم يفتقرون إلى أهم أسباب العدل فيها وهو العلم المرادف لتحقيق كنه تلك القضية وميزانها من ناحية الشرع وقد تقرر شرعا وعقلا أن فاقد الشيء لا يعطيه .
⭕️ أنى لهم أن يصيبوا العدل في القضايا الفرعية العارضة ناهيك عن القضايا الجوهرية الجارفة وهم لا يحسنون التجرد من العوارض المؤثرة أثناء التحكيم والذي هو نتاج العلم الرصين والدين المتين !
⭕️ كيف لهم أن يصيبوا العدل ولما ينهلوا من نهج السالفين ما يروي الغليل ومن تحقيق اللاحقين ما يشفي العليل !
📍ولذا فإن تلك الخبرة المزعومة لا تجدها عند التحري إلا زمنا من قلة المحصول ، وضياع بين فلانا قال وفلان يقول!
📍واعلم أن من ينبري للتحكيم من أمثال هؤلاء تجده في غاية الجرأة بسبب وهم علمي ممنهج وتعليم خاطئ مبرمج ، يوحي إليهم زخرفا من القول غرورا أنهم على ثغرة الإسلام مدافعين وعلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم منافحين ، وهم في حقيقة الطرح و السياق مفادهم إلى عارض التقليد المذموم سالكين.
وقولنا "مذموم" لأنه تقليد قد حفه التعصب من جهاته الست معا !
لأنه حتى على قول من يجيز التقليد في مثل هذه المباحث "وهو على إطلاقه خطأ" إلا أن المقلد تقليدا مشروعا لا يتصور في حقه أن يكون منافحا مكتلا رادا مهيجا داعيا ناهيك أن يوالي ويباري في سبيل موقفه بزعم أنه في غاية من الجزم قاطعا أنه على الحق والصواب!
إذ أن هذا التوصيف يوحي بأنه صار في نفسه محكما ولذا تجده داعيا غيره إلى انتهاج سيره والأخذ برأيه مما يجعله في حقيقة الأمر مقلدا يلبس زورا لباس المجتهد ! ..
فإلم يكن هذا تقليدا مذموما فما من تقليد مذموم في الدنيا!
📍واعلم أن المقلد آخذ برخصة اضطرار وهي نوع من الرخص العارضة (بخلاف الرخص الراتبة) أي أن حاله كحال مضطر أحلت له الميتة ، والذي ينبغي لمن كان هذا حاله أن يأكلها على استحياء سائلا المولى جل وعلا أن يبلغه جادة السلامة لا أن يدعوا غيره إلى مائدته مفاخرا بحاله..!
والله المستعان.
https://t.me/collectionofqnawithahmadbanajah/1021
Part 1: https://ahmadbanajah.blogspot.com/2021/11/blog-post.html